تجاهل القضية الصومالية عادة تأصلت مع مرور السنوات، وهذا يبدو مستهجناً من الصوماليين، ولكن هل لديهم حق في الانزعاج من التهميش؟ أم هم السبب في عدم الالتفات إلى مشاكلهم بشكل جدّي؟

عد بذاكرتك للوارء: متى انتبه العالم للحرب الأهلية في الصومال؟ هل فكّر الصومالي بشرح قضيته ولماذا أسقط النّظام العسكري؟ هل اهتّم أحدهم بامتشاق قلم يسجل فيه فصول الكراهية التي شحن بها الشعب ضدّ بعضه البعض؟

عندما بدأت المليشيات باستباحة المزارع والمحاصيل وأخذ الناس تموت جوعا ًعلى الطرقات وبالعشرات، لاحظ العالم ما يحدث بالصومال، وتدخلت قوات حملت شعاراً زائفاً: إعادة الأمل. كانت الحرب تخطو نحو عامها الثالث…

لا أحد يشعر براحة كبيرة حين يتدخل في شئون عائلية، وهذا ما حصل في الصومال، فكلّ التفسيرات تبدأ بكون القضية مسألة قبلية وتنتهي بمصالح قبلية؛ فلم تسقط حكومة عسكرية ديكتاريوية في 1991، بل أُسقطت قبيلة سياد بري بكل عشائرها وفصائلها وفروعها. وبالرّغم من الاستياء والامتعاض عن ذكر القبائل ووصم من يروي الأحداث مرفقة بأسماء عشائر، إلا أن التفسيرات القبلية ما تزال مستمرة، فرئيس الوزراء عبد الولي شيخ يعادي الرئيس حسن شيخ محمود وفق مؤامرة وضعت في جروي، ونقل فارح عبد القادر من وزارة العدل والشئون الدستورية لوزارة الثروة الحيوانية لأن فارح كان صاحب مشروع كسر الصراع بين القبليتين المتصارعتين تاريخياً، مع تجاوز جزئية شرعية هذا المشروع وصلاحياته كوزير لتنفيذ مشروعه القومي العظيم، وأصبح الرجل ضحية الرجعيين من مناصري هيمنة تلك القبيلتين.

العالم لن يهتّم بدولة تعتبر دستورها مشروعاً يناصر قبيلة، ويرى أن كل صراع مرّده إلى صراعات قبلية، ولا يرى في القانون سوى فقرات تناصر عشيرة على أخرى بغض النظر عن نوع النزاع وطبيعته.

العالم ليس مستعداً لتخصيص جلسات تحليل لفهم ما وراء النّزاع الصومالي الدّاخلي، لدولة يعود رئيسها لمبعوث الأمم المتحدة ليكسب رضاه قبل النطق بمن سيعيّن في منصب حسّاس.

العالم لا يعير أذناً صاغية لدولة يرأسها رجل يستدعي مجلس الشعب ليقيل رئيس الوزراء إن لم يلبس ما فصّله له، ويلوي عنق الصلاحيات ليحقق مآربه.

اذكر برنامجاً من 50 دقيقة خصص لمناقشة المهزلة الأخيرة التي بدأت فصولها بعد رفض الرئيس التعديلات الوزراية الأخيرة؟

في المقابل:  كم ساعة أمضاها نشطاء الفيسبوك ومن يسمون صحفيين  ومثقفين في تحليل وتفسير الحلقة المملة والمكررة منذ 2000م؟ وهل خرجوا بنتيجة غير أن الدستور هو السبب؟ وهل استطاعوا بالفعل إثبات بطلان إجراء تعديل وزاري بدون العودة للرئيس؟

كم قرآءة لتداعيات الصراع السياسي كتبها صوماليون، وإلى ماذا انتهوا؟ كيف محللاً مختصاً بقضايا الشرق الإفريقي جلس وفكر وكتب فيها؟

إذا كان الصومالي يريد لفت أنظار العالم لوجود أزمة في بلاده، فما عليه سوى أن يقرّ بأن القصة ليست صراع قبائل تنهيه مصالحات وجلسات تحت شجرة بين وجهاء القبائل، بل صراع سياسي ينبغي معالجته في أروقة السياسة وفق رؤى سياسية، وتحت احترام لوائح ومواد الدستور، ومراعاة التسلسل الهرمي الإداري بدل المحاباة على أساس القرب ممن في يدهم السلطة والمال.

You are not authorized to see this part
Please, insert a valid App IDotherwise your plugin won't work.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *