في رسالة لصديق:

“السياسة في الصومال ذات نكهة خاصة، معجونة بالمزايدة على الوطنية، حين نريد أن نجمّل صورة الفاسدين، لا نخجل من استعراض روحهم الوطنية، وعندما نشعر بهزيمة أمام حقائق لا يمكن إنكارها، نشوهها ونصفها بالقبلية تارة وبالمناطقية حيناً، المهم أنّنا لن نسمح بأي حركة لمن نخشى تفوقهم علينا.

في الصومال؛ نخشى كثيراً من كشف القناع عن وجوهنا، كثيرون منا يعتبرون وجوههم عورة، أو قل عاراً يجب دفنه، وبمرور الأيام، ينسون هم أنفسهم هذه الوجوه، هم يدركون يا صديقي أنّ القانون ليس في صالحهم، فتأتيهم فكرة رائعة، القانون ضدّ الدّين، ويدوسونه، ويشنون حملات قاسية عليه.

يدركون أن الصحافة قد تفضحهم: ليسجن الأوغاد ذوي الأصوات المزعجة، ليعدموا بأبشع الصور وفي الطرقات ونهاراً ليكونوا عبرة لغيرهم.

لا يترددون في اختزال صورة الوطن في شخص أقل ما يقال عنه (سمسار)، أتعرف يا صديقي؟ وكل من يتظاهر ضدّه حاملاً لوحة كرتونية بائسة عليها عبارات تناهض النّظام الحاكم، يتحول لشخص قبلي طائفي مناطقي فئوي جبهوي …الخ

إذا كتبت حالة غاضبة على جدار صفحتك على فيسبوك، فستفاجأ بواعظين لا تدري من أين يخرجون: اتق الله! هذا حرام.. هذه قبلية… هذه خيانة للوطن.. هذا خروج عن الملة السّمحاء.. إنا لله وإنا إليه راجعون.

صديقي:

إن  الاقتراب من الشأن الصومالي، ومحاولة فهمه لعنة، لعنة تشبه تلك التي كانت قارئة الفنجان قد حذرت نزار منها، حين قالت له:

من يدخُلُ حُجرتها مفقود..

من يطلبُ يَدَها..

من يَدنو من سورِ حديقتها.. مفقود

من حاولَ فكَّ ضفائرها..

يا ولدي..

مفقودٌ.. مفقود

وضعنا التعيس يا صديقي يغري الصعاليك أمثالي على خوض تجربة الحفر في هذه المتاهة التي يسمونها “أزمة”، ربما تشبه تخويف الجدات للصغار من العفاريت والجان، وربما ليس ثمة أزمة مستعصية، ولكن جميع من ساروا على هذا الدّرب لم يعودوا سوى بالخيبة.. ومع ذلك يزداد اصراري.. فإن عدت يوماً وقلت لك: يئست!

فذكرني: أن الطريق إلى الحلم ليس مفروشاً بالورد!!

You are not authorized to see this part
Please, insert a valid App IDotherwise your plugin won't work.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *