من المؤسف أن تناصب حكومة ما العداء لشعبها، وتجعل مهمتها الأولى والأساسية ترويض المجتمع وتطويعه بالقوة ما أمكن، ثم تلومه على عدم تعاونه معها، أو على رفضه الامتثال لقراراتها. وتنسى الحكومة أنّها نتاج المجتمع، وأنّه سابق عليها، وهي مجرد أداة طارئة لتنظيم حياته وتوفير الخدمات الأساسية له، فما بالك بحكومة لا تقدم اي شيء للشعب، بل وتعبث بها حركة عدمية مثل حركة الشباب المجاهدين، التي تأمر شركات الاتصال بحجب خدمة الانترنت(3G)، وتمنع المواطنين من تنفيذ أمر حكومي ينص على وجوب وضع كل رب بيت لمبة فوق بوابة المنزل ليضاء الشارع، فلا تقوم بأي شيء تجاه هذا. ويا لها من سخرية حين ترفع حكومة كهذه شعاراً شديد اللهجة، واضح الصرامة مثل (لن نتسامح)! وهذه أمثلة قليلة من تطبيقات هذا الشعار المرعب..
1- قال الرئيس حين سجن الصحفي الذي أجرى مقابلة لم تبثّ مع ضحية اغتصاب جماعي من قبل رجال بزي عسكري: لن نتسامح مع قضايا الاغتصاب!! ومع الأسف لم تتوقف جرائم الاغتصاب بل ارتفعت وتيرتها!!
2- وعندما أصرّ الناس في إدارة جوبا لاند على تشكيل إدارتهم ورفض دعوات الحكومة بالانتظار حتى تحريرها من حركة الشباب قال الرئيس: لن نتسامح… أن أستقيل من منصبي أهون علي من قبول وجود إدارة جوبا لاند.. أصبحت إدارة جوبا واقعاً … ولم يستقل!!
3- وبعد تكرار عمليات نوعية لحركة الشباب أعلنت الحكومة أنّها (لن تتسامح) مع هذه الحركة، ونشرت سواتر اسمنتية، وقطعت الشوارع العامة المؤدية للمنطقة التي نسميها افتراضياً ( المنطقة الخضراء)، فماذا حدث؟ وصلت العمليات للقصر الجمهوري (فيلا صوماليا) ومبنى البرلمان، ليس لمرة واحدة.. بل مرتين وبكل بساطة!!
4- هذه المرة أعلنت الحكومة أنّها لن تتسامح مع الصحافة المستقلة التي تنشر الفتنة- يعني نقل نبض الشارع- وتثير النعرات القبلية-يعني التنديد بالقرارات الارتجالية للحكومة- وساقت العاملين في إذاعة شبيللي للسجن
ألم يكن من الأفضل لو تبني ثقة بينها وبين الشعب، عن طريق عرض أفكارها ورؤيتها، وأن تحترم القانون والدستور، دون أن تدخل في مناكفات مع جماعة أو حركة أو عشيرة، بدل أن تكسب المزيد من العداء والرفض؟
هل أتى شعار (لن نتسامح) بأي إنجاز؟
هل يذكر التّاريخ القريب أي أمثلة لجدوى الصراع العدمي مع الشعب؟
هل بذلك ستهزم حركة الشباب ويحل السلام والأمن؟
آه.. صحيح.. لماذا سقط نظام سياد بري؟