العنوان الأصلي: How Sharmarke Can Salvage Vision 2016 للكاتب: عبد الرشيد حاشي*
يأتي تعيين عمر عبد الرشيد علي شرماركي كرئيس وزراء للحكومة الاتحادية في الصومال في وقت جرح، فالصراع السياسي شل الحكومة لعدة أشهر حتى كاد يودي لانهيارها تماماً، وما أحرز من تقدّم لتحقيق الأهداف الرئيسة لرؤية 2016 من خارطة طريق للحكومة متواضع، وقد تراجع الدّعم الشعبي للحكومة الاتحادية بشكل حاد، وبدأ المجتمع الدولي يفقد ثقته في قدرات الحكومة، وما يزال الفساد مشكلة شائكة، والوضع الأمني تدهور بشكل ملحوظ في الأشهر القليلة الماضية بالرغم من تحرير المزيد من الأراضي.
إن قرار الرئيس بتعيينه في هذا المنعطف خطوة مشجعة، فشرماركي لديه القدرة على العودة إلى المسار وعكس هذا الاتجاه، فهو سياسي ذكي له صلات عميقة جداً مع النخبة، والأهم من ذلك، أنّه شخص يمكن اعتباره محايداً ومستقلاً، الأمر الذي يمكّنه من إقامة تحالفات مع أصدقاء وأعداء الرئيس حسن شيخ على حدّ سواء، ولكن سقف الآمال مرتفع للغاية، و هذا ما يجب أن يُدار بشكل صحيح.
إن تشكيل مجلس الوزراء هو الاختبار الفعلي الأول لشرماركي، وتدّل المؤشرات الأولية إلى أنّه سيخضع لضغط هائل لتشكيل حكومة وحدة وطنية يمكنها أن تقود البلاد خلال الشهور العشرين المقبلة، وسيتوقف الكثير على مدى شمولية (أو حصرية) صناعة القرار حتى داخل حكومة الوحدة الوطنية، نظراً لضيق الوقت المتبقي من ولاية هذه الحكومة والمهام الضخمة الموكلة إليها، فإن الحكومة الجديدة لن يكون في وسعها تحمّل اضطراب داخلي أو الدّخول في أزمات سياسية.
لن يكون تشكيل “فريق من المنافسين” أمراً جديداً على شرماركي، فقد شكّل حكومة وحدة من فصيلين متحاربين خلال الفترة التي قضاها رئيساً للوزراء في عام 2009، وعلى الرّغم من تضخمها، وضعف فاعليتها الكبير، فقد نجحت بالتأسيس لأول حكومة تحصل على تأييد واسع لم تحظ به أي حكومة في الصومال منذ عام 1991. وبعد أن أهدر الكثير من الوقت والموارد وحسن النية في الماضي، آن الوقت لوجود حكومة مستقرة أمر حيوي لصياغة خطة عمل قابلة للتطبيق من العمل ولتسريع الأداء خلال الأشهر العشرين المتبقية.
ولاغتنام هذه الفرصة النادرة يجدر بشرماركي التركيز على النّقاط الأربعة الآتية خلال المئة يوم الأولى لمدّته:
- الشمولية:
كانت السمة المميزة لآخر عامين ونصف العام نظام صنع القرار الرأسي الذي ساهم إلى حد كبير في خلق مناخ من الاستقطاب والجمود وعدم الثقة بين الأطراف السياسية الكبرى. لهذا يبنغي على رئيس الوزراء شرماركي بوصفه سياسياً محنكاً أن يفعل ما يلزم لإيجاد طريقة جديدة وتبشّر بسياسة شاملة تحتضنها الحكومة الاتحادية، فهذا سيمكّن الحكومة الجديدة من الحدّ من المعارضة الدّاخلية، والتّدخل الخارجي، وهما العائقان الأكبران اللذين ابتليت بهما الحكومتان السابقتان.
إنّ مجلس الوزراء القادم سيهندس إجراءات انتخابات 2016 ويشرف عليها، والتي يُرجّح أن تكون مثيرة للجدل للغاية وعرضة للصراعات. الحكومة الشاملة ضات البنية الأفقية وحدها يمكن أن تعتبر هيئة حياجية يمكنها إضفاء الشرعية على نتيجة هذه الإجراءات.
- التركيز على المهام الرئيسية
ثانياً، أنّ وضع خطة عمل واضحة وواقعية أمر حيوي لتحقيق المهام الرئيسية المتبقية بعد أن فات الكثير من المواعيد النهائية لها، مما أثار استياء الشعب الصومالي والمجتمع الدولي. ومع ذلك، فإن الحكومة الجديدة يمكنها البناء على المكاسب المتواضعة التي تحققت في العامين الماضيين. فقد أجريت مسودة تعديلات للدستور المؤقت، ولكن فحوى الوثيقة بما في ذلك البنود الأكثر إثارة للجدل لم تناقش بالتفصيل بعد، ومن الصعب تخيل وضع استكمال جميع جوانب الدستور وطرحه للاستفتاء الشعبي بحلول عام 2016.
كما أن إجراءات فدرلة الدّولة تسير على نحو فوضوي متسرع وغير محسوب، فالسّاسة المتنفذون يقسّمون الدّوائر بحسب أهوائهم ليحققوا نتائج ترضيهم، والحدود ترسم على أسس قبلية دون منح الأولوية القابلية للتطبيق والشمولية. أصبحت العملية برمتها تعتمد على النخبة، وتقضي الأطراف السياسية بطريقة ممنهجة، ما يؤدي لإحباط الغاية من الفيدرالية، ولتقريب الحكومة من الناس.
- مكافحة الفساد
ثالثاً، على الحكومة الجديدة التصدي للفساد والمحسوبية، لأن الصراع السياسي الراهن أسهم بشكل حاد في تفشي الكسب غير المشروع، إذ يتعرض الكثير من المال العام القليل أساساً للنهب، وسيكون من الصعب للغاية استعادة ثقة الشعب مع المستويات الحالية من الفساد الفعلي والملموس. وقد خطط رئيس الوزراء لسابق لتشكيل “هيئة مكافحة الفساد”، ورؤية 2016 تدعو لتشكيل لجنة لمكافحة الفساد، وإصدار تشريعات داعمة، لأن تفكيك منظومة الفساد لا يمكن أن تتأجل أكثر من ذلك.
- التصدي لانعدام الأمن
رابعاً، يجب أن يكون التصدي لانعدام الأمن المستمر أولوية. فقد اغتيل كثير من الأبرياء بشكل ممنهج، على الرغم من أن القدرة الشاملة للمؤسسات الأمنية آخذة في التحسن، إلا أنّ معالجة أوجه القصور الهيكلية للأجهزة الأمنية ما زال بحاجة للكثير من العمل. بما في ذلك خطة استعادة الأمن القومي والدفاع من بعثة الاتحاد الأفريقي، التي ضحى أعضاؤها كثيراً من أجل الصومال، إن جنود بعثة الاتحاد الأفريقي الذين كانوا يحمون مكتب ومقر إقامة شرماركي منذ خمس سنوات ما زالوا موجودين اليوم، مما يطرح تساؤلات عن الإفراط في الاعتماد على قوى خارجية للحماية الأساسية.
وأخيراً، فإن رئيس الوزراء الجديد -القادم بعد اثنين من رؤساء الوزراء خلال عامين ونصف العام- يتحمّل مسئولية إدارة التوقعات الضخمة الممكنة التحقيق في ظل وجودعقبات كبرى. إذاً، فرئيس الوزراء شرماركي لديه فرصة ضيئلة جداً لكسب ثقة المواطنين المتشككين، النخبة القلقة والجهات المانحة المحبطة، ومع ذلك فما يزال بإمكانه إنقاذ رؤية 2016 أو ما تبقى منها، بقرارات ذكية وخطة عمل جريئة. ففي الصومال، نادراً ما يحصل السياسيون على فرصة ثانية، وقد كانت أول فترة لشرماركي في منصب رئيس وزراء أقل من المتوقع، وها هو الآن يحصل على فرصة أخرى ليخلّف وراءه تركة مختلفة.
* عبد الرشيد حاشي نائب مدير مؤسسة هيرتيج لدراسة السياسات