من صور الأمم المتحدة لنزع السلاح
يرى الكثيرون أن نزع السلاح يلعب دوراً بالغ الأهمية في إعادة الأمن والاستقرار وتحقيق المصالحة في المجتمعات الخارجة من نزاعات مسلحة، وحروب أهلية، وللأمم المتحدة برنامج ذات صلة بنزع السلاح يصطلح عليه (DDR) وهو مختصر لكلمات ثلاث: (Disarmament, Demobilization and Reintegration ) ويمكن ترجمتها للعربية كالآتي (نزع السلاح، والتسريح، والإدماج). فماذا تعني عبارة نزع السلاح؟
بحسب تعريف الأمم المتحدة فإن نزع السلاح هو عملية جمع الأسلحة الصغيرة والذخيرة والمتفجرات والأسلحة الخفيفة والأسلحة الثقيلة من المحاربين، وفي أحيان كثيرة من السكان المدنيين، وتوثيقها وتحديدها والتخلص منها من قبل جهة مسؤولة.
ثم تأتي بعدها عملية التسريح (demobilization): وهي عملية تفكيك المليشيات المحاربة ووضع أفرادها في معسكرات أو ثكنات تمهيداً لدمجهم في مجتمعاتهم كمواطنين مدنيين. وتترافق هذه العملية بوضع برامج تأهيل وإرشاد اجتماعي وتوعوي وتعليمي، يدرب هؤلاء المقاتلون على مهن وأعمال تؤهلّهم للمرحلة التالية وهي مرحلة الإدماج (reintegration)، ويقصد بها دمج المحاربين اجتماعياً واقتصادياً في المجتمع.
يسعى هذا البرنامج لتعزيز فرص بناء السلام والمصالحة في المجتمعات المتأثرة بالصراعات والنزاعات العنيفة، وتسجيل الأسلحة وأرشفتها من قبل لجنة مسؤولة تعود للدولة، والتقليل من مستوى العنف وانعدام الأمن بواسطة خلق بدائل للمعيشة والحدّ من انتشار الأسلحة، وكذلك يتوقع من البرنامج تهيئة بيئة مواتية لتنمية مستدامة، أمّا الهدف البعيد منها فهو منع تكرار اندلاع الصراعات المسلحة في المستقبل قدر المستطاع.
ونظراً للوضع في الصومال، الذي خرج من حرب أهلية طاحنة، فإن عملية نزع السلاح تعدّ ضرورة ملحة، فهل تقوم الحكومة(المعترف بها دولياً) بدفع جهود حقيقية نحو نزع السلاح غير الشرعي؟
في الواقع ما حدث هذا الصباح في مقديشو، من حالة اشتباك عنيفة بين قوات حكومية مدعومة بقوات افريقية من جهة، وبين قوات مدير بلدية ودجر السابق، وزعيم الحرب المشهور (أحمد داعي)، في توقيت غريب هو الرابعة فجراً، يجعلنا نرتاب في مشروعية هذه العملية، فالأسلحة لا تسجل ولا تأرشف، ولا يسرح أفراد المليشيات المسلحة ضمن خطة محلية تتوافق مع طبيعة الصراع ومستواه، عدا عن غياب هيئة مقننة تختص بإدارة هذا البرنامج والإشراف عليه. ويدفعنا هذا السلوك اللا مسؤول من الحكومة لأن نتساءل: ما هي الغاية من نزع السلاح إن كان يؤدي للمزيد من الاقتتال؟ ولماذا تغيب شروط تنفيذ نزع السلاح كالمرونة والشفافية والمسؤولية؟
تلك الأسئلة ستبقى مطروحة ما دامت الآلية المعتمدة في عمليات نزع السلاح مرتجلة وغير مخطط لها بالحكمة المطلوبة.