شعار الأمم المتحدة

 

عقب انتهائي من قرآءة الفصل الثالث من كتاب “بناء الدّولة” لفرانسيس فوكوياما، لم يعد لدي شكّ أن الأمل في إعادة بناء الدّولة في الصومال غير وارد خلال السنوات العشرين القادمة على الأقل. فالصومال تلك الدولة التي سقطت في مستهل التسعينات واجهت تجاهلاً عالمياً إبّان الأزمة، ولم ينتبه لها أحداً إلا عند انتشار صور تفشي المجاعة بعد عامين من الاقتتال، استفاقوا على أخبار منع الجبهات المتحاربة الشعب من الحصول على المعونات الدّولية، وقيامها بالاستيلاء عليها والإجهاز عليهم.

ومهّد تدخل الأمم المتحدة والولايات المتحدة لمزيد من الأزمات، إذ رأى فيها زعماء الحرب تهديداً لوجودهم، ورأها المتدينون والوطنيون احتلالاً وانتقاصاً من سيادة البلاد. والحقيقة أنه لم يكن ثمة سيادة، فأي دولة تواجه مشكلات داخلية بسبب الاحتراب الأهلي، أو بسبب الاضطرابات التي تعقب الثورات أو الانقلابات تفقد احترامها بين الأمم، وتنتقل السيادة إلى المجتمع الدولي ممثلاً بالأمم المتحدة ووكالات الغوث والمنظمات غير الحكومية.

ويذكر الكاتب أن الأيام أثبتت أن نزع السيادة من الدول الضعيفة لا يؤدي لتقوية مؤسساتها المتهالكة، والبوسنة مثال على ذلك، فبالرغم من الإنتخابات التي تجرى، وتولي وكلاء (موظفين حكومين) منتخبين إدارة المؤسسات الحكومية إلا أن المبعوث الأممي يملك زمام الأمور، فهو قادر على عزل الرؤساء ورؤساء الحكومات كما يشاء. وهذا ما يؤدي لعدم تقدّم الكوادر المحلية ورفع كفاءتها في إدارة شؤون البلاد، ويهدد بعودة البلاد المعنية لدورة العنف في حال انسحاب المجتمع الدّولي أو تحويل اهتمامه عنها.

الصومال تعاني أيضاً من الرعاية الدولية التي تحرص بشدة على استهلاك المعونات المخصصة لبناء المؤسسات الأمنية والمدنية وإنفاقها كمصاريف الموظفين القابعين في نيروبي. فمنذ تعيين محمد سحنون مبعوثاً للأمم المتحدة في 1992 مروراً بأحمدو ولد عبد الله، واوغستين ماهيغا، وحتى نيكولاس كي المبعوث الحالي لم تشهد البلاد أي تطور مذكور، ولم تظهر أي ملامح لعملية إعادة بناء الدّولة، والأنكى من ذلك أن القيادات الصومالية والنخبة المجتمعية تستشعر الذنب إن هي رفعت صوتها تطالب بتخفيف القبضة الأممية وتركيز جهودها على إنجاز خطوات ملحوظة، كما أن غياب منظمات مجتمع مدني فعّالة،  واكتفائها بأنشطة تزيد من تحييد الشعب سياسياً، وحرص المنظمات الأهلية على القيام بأنشطة تنموية وإغاثية بسيطة غير ذات تأثير إضافة  لانعدام وجود جماعات ضغط في الشتات أو الدّاخل يجعل من الصعب التفاؤل بنجاح قريب لما يسمى بعملية بناء الدّولة.

 

 

You are not authorized to see this part
Please, insert a valid App IDotherwise your plugin won't work.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *